المشرق العربي
فقار فاضل
الخميس 21 آب 2025
السوداني خلال اجتماع مع مستشار المرشد الإيراني، علي لاريجاني في بغداد (أ ف ب)
بغداد | تشهد أروقة «الإطار التنسيقي» خلافات متصاعدة مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على خلفية ملفات حساسة أبرزها قانون «الحشد الشعبي»، ومسألة حصر السلاح في يد الدولة، والتعاطي مع الضغوط الأميركية المرتبطة باستقرار الأوضاع قبل الانتخابات المقبلة.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن اجتماعين متتاليين بين السوداني وزعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، كشفا عن تباين واضح في الرؤى؛ إذ حذّر المالكي من أن أي خطوة متسرّعة في ملف حصر السلاح قد تفتح باب مواجهة مباشرة مع الفصائل، فيما أبلغ السوداني قادة «التنسيقي» بأن واشنطن وضعت ما سمّاها «شروطاً واضحة»، تتعلّق بـ»ضبط تهريب الدولار، وحصر السلاح بيد الدولة، كمدخل أساسي لاستقرار المشهد العراقي».
وحول ذلك، يؤكد مصدر بارز في «التنسيقي»، لـ»الأخبار»، أن «الخلاف داخل الإطار لم يعد خافياً. السوداني يتعرّض لضغوط أميركية مباشرة، ويخشى انعكاسها على موقعه السياسي، فيما بعض قادة الفصائل يرون أن أي استجابة لهذه الشروط تعني نهاية دور الحشد والمقاومة في العراق». ويضيف أن «ملف حصر السلاح بات يشكّل تهديداً حقيقياً لبقاء السوداني في منصبه، خصوصاً إذا ما أصرّ على المضي فيه في هذه المرحلة الحساسة».
وفي الإطار نفسه، يؤكّد الباحث السياسي، إبراهيم الوائلي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الانقسامات داخل الإطار التنسيقي لم تعد مجرّد تباين في وجهات النظر، بل تحوّلت إلى صراع حادّ بين السوداني وبعض قادة الفصائل، الذين يخشون أن يؤدّي التقارب مع واشنطن إلى تقليص نفوذهم الميداني». ويشير الوائلي إلى أن «هذا الصراع ينعكس مباشرة على المناخ الانتخابي، إذ يشعر الناخب العراقي بأن الخلافات داخل البيت الشيعي قد تعرقل الاستحقاق المقبل وتفتح الباب أمام فراغ سياسي جديد».
أما القيادي في حركة «النجباء»، مهدي الكعبي، فيؤكد، لـ»الأخبار»، أن «سلاح المقاومة لن يُسلّم لا في العراق ولا في لبنان»، جازماً أن «الضغوط الأميركية لن تنجح في إنهاء وجود الفصائل، لأنها تمثّل خط الدفاع الأول عن البلاد في مواجهة المخاطر».
ويرى مراقبون أن الأسابيع المقبلة قد تحمل تصعيداً سياسياً، وربما أمنياً، في حال أصرّ السوداني على تمرير قرارات مرتبطة بملف السلاح، الذي يُعدّ من أكثر الملفات حساسية منذ عام 2003، وتتباين المواقف حوله بين من يرون نزعه ضرورة لتعزيز سيادة الدولة، ومن يعتبر الحديث عن سحبه محاولة للقضاء على المقاومة في ظل وجود الاحتلال. أما قانون «الحشد الشعبي» الذي أُقر عام 2016، فقد أعطى «الحشد» صفة رسمية وربَطه بالقائد العام للقوات المسلحة، لكن بنوده لا تزال محلّ جدل بسبب ما يراها منتقدوه «ثغرات» فيه تسمح بازدواجية الولاء وغياب الرقابة الكاملة. وخلال الدورة النيابية الحالية، طُرحت مقترحات لتعديل القانون، غير أن الانقسامات السياسية حالت دون تمريرها، ليبقى «الحشد» بين موقع «المؤسسة الرسمية» وموقع «الفصيل المسلّح» في آن واحد.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في تشرين الثاني المقبل، يزداد المشهد العراقي تعقيداً، وسط خشية من أن يتحوّل الخلاف داخل «التنسيقي» إلى أزمة تهدّد استقرار العملية السياسية برمّتها. وفي هذا الإطار، يحذّر السياسي العراقي، نوار الموسوي، في تصريح إلى «الأخبار» من أن «الأجواء المعقّدة التي يعيشها العراق حالياً، سواء بسبب التصعيد الإقليمي أو بسبب الصراع داخل الإطار التنسيقي، قد تلقي بظلالها على نزاهة الانتخابات المقبلة»، مشيراً إلى أن «الصراع بين القوى الشيعية لا يهدّد وحدة الموقف فحسب، بل يفتح الباب أمام تدخّلات إقليمية ودولية قد تعصف بمسار العملية الديمقراطية برمّتها».